التناقض أصبح سمة غالبة في كافة جنبات حياتنا.. يبدو ذلك في السياسة. وفي الدين. وفي الحياة اليومية العربية. في الأسواق وفي المرور وفي الاقتصاد وفي كل مرة نتوقف فيها أمام حالة من حالات التناقض. نضرب كفاً بكف ونتساءل: ماذا حدث لنا في هذا الزمن الجديد الذي غابت عنه العقلانية وتاه العقل والمعقول!
آخر حالة من حالات التناقض كانت بالأمس بمناسبة يوم شم النسيم.. في الصفحة الأولي من كل الصحف اليومية تري التناقض بعينه علي خبرين بارزين في الصفحة.. الأول: عن تحذير قوي من وزارة الصحة تحذر الناس من تناول الفسيخ نهائياً نظراً لما يمثله كما جاء في الخبر من خطر داهم علي صحتهم.. الأمر الذي دفعها لأن تناشد المواطنين عند ظهور أي أعراض مرضية خلال 24 ساعة من تناول الفسيخ وتوجههم إلي أقرب مستشفي أو مركز للسموم فوراً لانقاذ حياتهم.. وكذلك يؤكد وكيل أول الوزارة أن السموم الموجودة في الفسيخ لا يبطل مفعولها إلا إذا تعرضت لدرجة حرارة 100 درجة مئوية لمدة 10 دقائق. وان الأعراض الأولي للتسمم تظهر بعد 8 12 ساعة من تناول الفسيخ.. هذا مع العلم ان الجرعة الواحدة من الأمصال المعالجة للتسمم قد يبلغ ثمنها علي ما أذكر من أخبار أخري طالعتها حوالي عشرة آلاف جنيه!
وأنا بالتأكيد أشك إذا كانت مراكز السموم التابعة لوزارة الصحة أو غيرها سوف تقدم هذه الأمصال بالمجان أو بأسعار رمزية للمواطنين. ذلك لأن تجارب الناس المريرة مع وزارة الصحة والتأمين الصحي يمكن أن تسود آلاف الصفحات من سوء المعاملة وصرف الأدوية الرخيصة والرديئة غير الفعالة. وحرمانهم من الأدوية الفعالة التي يكتبها الأطباء أنفسهم في عياداتهم الخاصة فهل يمكن أن يحن قلب هذه الوزارة فجأة أو حتي تتوفر لها الاعتمادات المالية لتنفقها علي بسطاء الناس الذين استجابوا لجدودهم الفراعنة وأكلوا الأسماك المملحة أو الفسيخ كما اعتاد أن يذكر ذلك تلاميذ المدارس في موضوعات التعبير بمناسبة شم النسيم؟! أشك صراحة في مصداقية الوزارة والمسئولين والتصريحات.. وأقول للوزارة وفروا هذه الاعتمادات ولا تنفقوها علي أكلة الفسيخ. بل اعيدوا لنا نشاط وقدرة ومسئولية وزارة الصحة منذ 50 عاماً أو أكثر عندما كانت تراقب الأغذية والأسواق والباعة. وتلزم البائعين بإعلان الشهادات الصحية التي تثبت خلوهم من الأمراض. وأظن ان وصول بودرة السيراميك إلي الألبان المغشوشة خير شاهد علي أن وزارة الصحة في حياتنا ماتت من زمان وشبعت موتاً. رغم حماس البعض ممن مازال في عروقهم بعض من ضمير وكان الله في عون هؤلاء!
أما الخبر الثاني علي نفس الصفحة الذي يكشف بجلاء مدي التناقض في حياتنا فهو من وزارة التموين أو التضامن الاجتماعي التي مازالت تخضع لها حتي الآن المجمعات الاستهلاكية التي كنا نأمل أن يصلها من زمان قطار الخصخصة بل "يدهسها" ويخلص الناس من زيفها وفساد مسئوليها وثلاجاتها العطلانة التي يفسد فيها الطعام ويكون تأثيره أشد ضراوة من الفسيخ الذي يأكلونه مرة في السنة في حين انهم يأكلون هذه الأطعمة التالفة طوال السنة!
والخبر يقول ان جميع فروع المجمعات الاستهلاكية استعدت ليوم شم النسيم بطرح 2 طن فسيخ و5.32 طن رنجة وأطنان عديدة من الأسماك واللحوم الطازجة والدواجن! "يا للهول!!" 34 طن فسيخ ورنجة بالمجمعات.. تري كم تحتاج هذه الكمية من أمصال واقية ضد السموم يفترض أن توفرها وزارة الصحة؟!. إن أي طفل صغير يستطيع أن يتساءل: هل وزارة الصحة هذه التي تحذر الناس من الفسيخ تقع في مصر.. في حين ان وزارة التموين وشركاتها التي ستغرق الأسواق بالفسيخ تقع في إسرائيل!! أم أن الوزارتين بمؤسساتهما وهيئاتهما وشركاتهما يتبعان حكومة واحدة في مصر هي حكومة الدكتور نظيف.. تلك الحكومة الذكية التي يفترض انها تستطيع أن تنسق وأن توحد بين المهام والوظائف. إن لم تستطع بالعقول البشرية. فبالعقول الالكترونية ولاسيما ان نصف السادة الوزراء بهذه الحكومة من تخصصات الهندسة الالكترونية!
حقيقة شيء يدعو للعجب.. من أين تحذر وزارة الصحة الناس من أكل الفسيخ.. في نفس الوقت الذي تغرق فيه وزارة التموين الأسواق بالفسيخ؟! حقاً شيء يدعو للحيرة.. هل يأكل الناس الفسيخ أم لا يأكلون الفسيخ؟! سؤال أعتقد ان الناس يمكن أن يرسلوا به للمفتي مثل مئات الأسئلة الغريبة التي تطالعنا بها الفضائيات ليل نهار بعدما غاب العقل والمعقول في شوارعنا. حيث تجد فتاة محجبة تغطي شعر رأسها في حين تندهش من مدي التصاق الملابس بجسدها والتفنن في تفصيلها بصورة تنافس أكثر فنانات الكليبات الغنائية إثارة وفتنة! وهو نفس التناقض الذي تفتح فيه الجهات المسئولة عن الاستيراد من الخارج الأبواب لدخول آلاف "التوك توك" يومياً إلي البلاد في نفس الوقت الذي تمنع فيه إدارات المرور الترخيص لهذه الوسيلة للانتقال في المدن والمراكز والمحافظات!
ألم أقل لكم ان التناقض هو سمة العصر؟! حقاً إن المجانين في نعيم!
آخر حالة من حالات التناقض كانت بالأمس بمناسبة يوم شم النسيم.. في الصفحة الأولي من كل الصحف اليومية تري التناقض بعينه علي خبرين بارزين في الصفحة.. الأول: عن تحذير قوي من وزارة الصحة تحذر الناس من تناول الفسيخ نهائياً نظراً لما يمثله كما جاء في الخبر من خطر داهم علي صحتهم.. الأمر الذي دفعها لأن تناشد المواطنين عند ظهور أي أعراض مرضية خلال 24 ساعة من تناول الفسيخ وتوجههم إلي أقرب مستشفي أو مركز للسموم فوراً لانقاذ حياتهم.. وكذلك يؤكد وكيل أول الوزارة أن السموم الموجودة في الفسيخ لا يبطل مفعولها إلا إذا تعرضت لدرجة حرارة 100 درجة مئوية لمدة 10 دقائق. وان الأعراض الأولي للتسمم تظهر بعد 8 12 ساعة من تناول الفسيخ.. هذا مع العلم ان الجرعة الواحدة من الأمصال المعالجة للتسمم قد يبلغ ثمنها علي ما أذكر من أخبار أخري طالعتها حوالي عشرة آلاف جنيه!
وأنا بالتأكيد أشك إذا كانت مراكز السموم التابعة لوزارة الصحة أو غيرها سوف تقدم هذه الأمصال بالمجان أو بأسعار رمزية للمواطنين. ذلك لأن تجارب الناس المريرة مع وزارة الصحة والتأمين الصحي يمكن أن تسود آلاف الصفحات من سوء المعاملة وصرف الأدوية الرخيصة والرديئة غير الفعالة. وحرمانهم من الأدوية الفعالة التي يكتبها الأطباء أنفسهم في عياداتهم الخاصة فهل يمكن أن يحن قلب هذه الوزارة فجأة أو حتي تتوفر لها الاعتمادات المالية لتنفقها علي بسطاء الناس الذين استجابوا لجدودهم الفراعنة وأكلوا الأسماك المملحة أو الفسيخ كما اعتاد أن يذكر ذلك تلاميذ المدارس في موضوعات التعبير بمناسبة شم النسيم؟! أشك صراحة في مصداقية الوزارة والمسئولين والتصريحات.. وأقول للوزارة وفروا هذه الاعتمادات ولا تنفقوها علي أكلة الفسيخ. بل اعيدوا لنا نشاط وقدرة ومسئولية وزارة الصحة منذ 50 عاماً أو أكثر عندما كانت تراقب الأغذية والأسواق والباعة. وتلزم البائعين بإعلان الشهادات الصحية التي تثبت خلوهم من الأمراض. وأظن ان وصول بودرة السيراميك إلي الألبان المغشوشة خير شاهد علي أن وزارة الصحة في حياتنا ماتت من زمان وشبعت موتاً. رغم حماس البعض ممن مازال في عروقهم بعض من ضمير وكان الله في عون هؤلاء!
أما الخبر الثاني علي نفس الصفحة الذي يكشف بجلاء مدي التناقض في حياتنا فهو من وزارة التموين أو التضامن الاجتماعي التي مازالت تخضع لها حتي الآن المجمعات الاستهلاكية التي كنا نأمل أن يصلها من زمان قطار الخصخصة بل "يدهسها" ويخلص الناس من زيفها وفساد مسئوليها وثلاجاتها العطلانة التي يفسد فيها الطعام ويكون تأثيره أشد ضراوة من الفسيخ الذي يأكلونه مرة في السنة في حين انهم يأكلون هذه الأطعمة التالفة طوال السنة!
والخبر يقول ان جميع فروع المجمعات الاستهلاكية استعدت ليوم شم النسيم بطرح 2 طن فسيخ و5.32 طن رنجة وأطنان عديدة من الأسماك واللحوم الطازجة والدواجن! "يا للهول!!" 34 طن فسيخ ورنجة بالمجمعات.. تري كم تحتاج هذه الكمية من أمصال واقية ضد السموم يفترض أن توفرها وزارة الصحة؟!. إن أي طفل صغير يستطيع أن يتساءل: هل وزارة الصحة هذه التي تحذر الناس من الفسيخ تقع في مصر.. في حين ان وزارة التموين وشركاتها التي ستغرق الأسواق بالفسيخ تقع في إسرائيل!! أم أن الوزارتين بمؤسساتهما وهيئاتهما وشركاتهما يتبعان حكومة واحدة في مصر هي حكومة الدكتور نظيف.. تلك الحكومة الذكية التي يفترض انها تستطيع أن تنسق وأن توحد بين المهام والوظائف. إن لم تستطع بالعقول البشرية. فبالعقول الالكترونية ولاسيما ان نصف السادة الوزراء بهذه الحكومة من تخصصات الهندسة الالكترونية!
حقيقة شيء يدعو للعجب.. من أين تحذر وزارة الصحة الناس من أكل الفسيخ.. في نفس الوقت الذي تغرق فيه وزارة التموين الأسواق بالفسيخ؟! حقاً شيء يدعو للحيرة.. هل يأكل الناس الفسيخ أم لا يأكلون الفسيخ؟! سؤال أعتقد ان الناس يمكن أن يرسلوا به للمفتي مثل مئات الأسئلة الغريبة التي تطالعنا بها الفضائيات ليل نهار بعدما غاب العقل والمعقول في شوارعنا. حيث تجد فتاة محجبة تغطي شعر رأسها في حين تندهش من مدي التصاق الملابس بجسدها والتفنن في تفصيلها بصورة تنافس أكثر فنانات الكليبات الغنائية إثارة وفتنة! وهو نفس التناقض الذي تفتح فيه الجهات المسئولة عن الاستيراد من الخارج الأبواب لدخول آلاف "التوك توك" يومياً إلي البلاد في نفس الوقت الذي تمنع فيه إدارات المرور الترخيص لهذه الوسيلة للانتقال في المدن والمراكز والمحافظات!
ألم أقل لكم ان التناقض هو سمة العصر؟! حقاً إن المجانين في نعيم!