بسم الله الرحمن الرحيم
يقول تعالى :
(( وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من
كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون * والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك
نصرف الآيات لقوم يشكرون )) سورة الأعراف 57-58
ثم ذكر بعدها قصص الأقوام المكذبين بأنبيائهم فقال :
(( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ...)) الآيات 59
وما بعدها من سورة الأعراف
فذكرت الآيات تكذيب قوم نوح عاد وثمود ومدين ....الخ
ويقول تعالى في سورة ق :
(( ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد * والنخل باسقات لها طلع نضيد *
رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج * كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود )) الآيات
المتأمل في هذه الآيات يجد أن هناك علاقة بين المطر , وبين الرسل
وهذا يدعونا إلى النظر في أوجه الشبه بين المطر وبين ما جاءت به الرسل .. ومن تأمل فإنه يستنتج ما يلي :
1- أن المطر به حياة بدن الإنسان , وما جاءت به الرسل - من الإيمان والقرآن - به حياة روح الإنسان وقلبه , وبه سعادته ولذته .
2- أن المطر إذا نزل على الأرض فإن نباته يتنوع ( نخل , سمر , شجر ....الخ ) وكله يسقى بماء واحد , وهكذا القرآن يخرّج العلماء والدعاة والمجاهدين والمحتسبين ... الخ وكلهم يسقى بماء واحد ( القرآن ) .
3- أن من الأرض أراض تغرقها الأمطار ثم لا تستفيد ولا تنبت , وعندها نقول : هذه الأرض غير صالحة للزراعة فلم تقبل الماء , ومجنون من اتهم المطر بعدم القدرة على الإنبات
, بينما نجد بعض الأرض تنبت بقطرات .
وكذلك القرآن والدعوة قد تنصب على شخص من الأشخاص صبا ثم لا يستفيد , بل قد يزداد بعدا من الله
فكم سجل التاريخ أخبار رجال عاشوا مع الأنبياء والمصلحين , لكنهم منافقون , مثل عبد الله بن أبي بن سلول .
وفي هذه الحالة نقول : نفس فلان لم تقبل الحق , ومجنون من اتهم القرآن أو الرسول بعدم إبلاغ الحق .
والسر العجيب في آية الأعراف أنه قال (( والذي خبث لا يخرج إلا نكدا )) ثم ذكر أقواما كذبوا الرسل , فكأنه يقول : هذه أمثلة على من نباته لم يخرج إلا نكدا .
4- أن النبات الذي ينبت بسبب المطر ينفع غيره إذا نبت , فتجده يمتعنا بحلاوة ثمره وبرائحته الزكية , ويظلنا بظله
الوارف .
وكذلك من ينشأ على القرآن , فإنه ينفع غيره , ويخرج لهم أطيب ثماره .
5- أن النبات لابد من تعاهده بالماء , وإلا فإنه سيموت , وكذلك المؤمن لابد أن يتعاهد نفسه بالقرآن .
أسأل الله أن ينفعنا بما جاءت به الرسل .
ختاما .. أوصي الجميع ألا يتركوا يوما من أيامهم إلا وقد زينوه بــ عشر دقائق يتأملون فيها آيات الكتاب العزيز ,
ويتدبرونها , لتحيا بتلك الدقائق قلوبنا ..
وزاد الله من زاد ..