فى موضوعنا عن الحب
نستكمل معكم انواع الحب . . وهو النوع التالت الحب بين الرجل والمرأة
فاننا نستطيع ان نبدأ ببعض التفسيرات الاسطورية التى اوردها افلاطون فى محاوره المأدبه التى خصصها لمناقشة الحب ! فأجرى على لسان ارستوفان الشاعر اليونانى المعروف تفسيرا لقوة الحب وسلطانه بين الذكر والانثى وملخصه : ان الانسان كان فى البداية مخلوقا واحدا يجمع بين خصائص الرجل والمراة . . أو هما كانا كتلة واحده . . لها من الايدى اربع ومن الارجل اربع كذلك . . وله وجهان متشابهان وراس يدور فى كل الاتجاهات وله اربع آذان ...الخ . . وكان هذا المخلوق الغريب بالغ القوة ويجرى بسرعة رهيبة يمشى الى الوراء والى الامام كما يشاء . . الخ
باختصار : كان له من القوة والبأس والبطش ما جعله مخيفا حتى ركبه الغرور فحاول ان يرتقى الى السماء ويهاجم الآلهة فشطرتة الآلهة شطرين . . حتى تضعف من قوتة وتخفف من غروره . . وعقب شطر الانسان الاول شطرين الى رجل وامرأة اخذ كل شطر يبحث عن شطره الاخر ... فاذا ما التقى به تعانقا بقوة لكأنما يريدان ان يعودا كائنا واحدا كما كانا من قبل
ويروى سقراط فى المحاوره نفسها اسطورة اخرى تفسر الخصائص المنتقضة للحب . . خلاصتها ان الآلهة كانت تحتفل بميلاد افروديت إلهة الجمال ..فأقام "زيوس" كبير الآلهة وليمة كبيرة حضرها "بوروس " او الغنى وبعد العشا تسللت "بنيا" او الحاجه او الفقر فى اليونانية القديمة . . الى تلك الوليمة تستجدى شيئا ووقفت بجوار الباب وكان بوروس قد سكر لفرط ما شرب من الخمر الإلهى فخرج الى الحديقة وغلبه النعاس فنام تحت شجرة ! وفكرت "بنيا" فى تخفيف بعض ماتعانيه من بؤس وشقاء بأن تحمل طفلا من الغنى فاجتمعت به وحملت بالحب . . فالحب اذن حمل به فى مولد افروديت ..لذلك تجد فيه شوقا عارما الى الجمال . . ولما كان ابوه "الغنى " وامه الفقر كان الحب يحمل هذه الخصائص المتناقضة فهو فقير معدم يرقد على الارض وفى الطرقات ذلك ما ورثه عن امه . . لكنه من ناحيه اخرى يسعى دائبا الى الخير والجمال . . جسور مقدام يطلب الحكمة وهذا ما ورثه عن ابيه . . فلاتعجب عندما تجد رجلا فقيرا يحب امرأة غنية او العكس . . فتلك خصال الحب انه مركب من الجهل والحكمة . . من القوة والضعف من الغنى والفقر . . وسوف احدثكم عن الحب الافلاطونى لانه يخص هذه الجزئية بس فيما بعد
فاذا تركنا الاساطير وتفسيرات الحب التى لا اخر لها منذ اقدم العصور حتى الآن . . واردنا ان نعرف كيف تصور هذه العلاقة بين الرجل والمراة على ألسنة الشعراء . . فلست اجد عندى اجمل من مثالين هما ارق ما قرأت من شعر فى تصوير الحب البشرى . . أما الاول فهو للشاعر الهندى العظيم "طاغور" الذى كانت اشعاره واناشيده تهز الدنيا كلها وكان ينشىء موسيقاه بنفسه . . وتسمعها على شفاه اهل الريف السذج . . فهذه فتاه فى عمر الزهور تسأل حبيبها عن صدق ما يقوله لها من غزل واليكم ماقاله طاغور على لسانها ومن سواه عبر عن لغو الغرام الذى لا يخلو من قدسية؟
ــ نبئنى يا حبيبى ان كان ذلك كله صدقا
ــ أإذا لمعت هاتان العينان ببريقهما استجابت لهمات السحائب الدكناء فى صدرك بالعواطف ؟
ــ أصحيح ان شفتى فى حلاوة برعم الحب المتفتح حين يكون الحب فى اول وعية ؟
ــ أترى ذكريات ما مضى من اشهر الربيع ماتزال عالقة فى جوارح بدنى ؟
ــ أصحيح أن الارض كأنها القيثارة . . تهتز بالغناء كلما مستها قدماى ؟
ــ أصحيح . . ان الليل تدمع عيناه بقطرات الندى كلما بدوت لناظريك . . وان ضوء الصبح ينتشى فرحا إذا ما لف بدنى بأشعته ؟
ــ أصحيح . . أصحيح . . أن حبك لم يزل يخبط فريدا خلال العصور وينتقل من عالم الى عالم باحثا عنى ؟
وأنك حين وجدتنى آخر الامر وجدت رغبتك الأزلية سكينتها التامة فى عذب حديثى وفى عينى وشفتى وشعرى المسدول ؟
ــ أصحيح إذن ان لغز اللانهائية مكتوب على جبينى هذا الصغير ؟! نبئنى يا حبيبى إن كان ذلك كله صدقا
تلك هى أبيات الشاعر طاغور لفتاة تسأل . . فبماذا يمكن ان يجيبها حبيبها ..بالله عليكم بماذا ؟
أترون انه يستطيع ان يجيب معبرا عن شعوره بأبيات شعر اشد عذوبة من ابيات شاعرنا الشاب الذى عصر الحب والشعر قلبه فمات هو الاخر فى عمر الزهور ولم يبلغ السادسة والعشرين من عمره . . أبو القاسم الشابى (1909-1934) فى رائعتة المسماة صلوات فى هيكل الحب .....؟
فقال : عذبة أنت كالطفولة كالأحلام ......كاللحن كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك كالليلة القمراء ......كالورد كابتسام الوليد
يالها من طهارة تبعث التقديس ...... فى مهجة الشقى العنيد
أنت ما أنت ؟ ! أنت رسم جميل ...... عبقرى من فن هذا الوجود
فيك ما فيه من غموض وعمق ...... وجمال مقدس معبود
كلما أبصرتك عيناى تمشين ...... بخطو موقع كالنشيد
خفق القلب للحياة ورف ...... الزهر فى حقل عمرى المجرود
خطوات سكرانة بالأناشيد ...... وصوت كرجع ناى بعيد
وقوام يكاد ينطق بالألحان ...... فى كل وقفة . . وقعود
كل شىء موقع فيك . . حتى ...... لفتة الجيد واهتزاز النهود
أنت ..أنت الحياة فى قدسها السامى ...... وفى سحرها الشجى الفريد
أنت فوق الخيال والشعر والفن ...... وفوق النهى وفوق الحدود
أنت قدسى ومعبدى وصباحى ...... وربيعى ونشوتى وخلودى
يا ابنة النور ! أننى أنا وحدى ......من رأى فيك روعة المعبود
الى اخر هذه القصيدة الجميلة العذبة
وكفايه كده المرة دى
ويارب يغمر قلوبكم جميعا بالحب ..بكل انواعه
وقلبى انا كمان
ولا بلاش انا
هههههههههه
والمره القادمة نتكلم عن الحب والفلسفة