أخلت وزارة الصحة أمس مسئوليتها عن الآثار الجانبية التي قد تنتج من
تناول لقاح أنفلونزا الخنازير, وأن كل مواطن يرغب في تناول هذا اللقاح
عليه كتابة إقرار بتحمله المسئولية الكاملة في حالة حدوث مضاعفات خطيرة أو
أي أضرار قد تلحق به نتيجة تناوله.. وقد أثار هذا الخبر مخاوف الناس,
وجعل مساحة القلق تتسع..آثار القرار علامات استفهام كثيرة,
خاصة وأن هناك تقارير تليفزيونية وصحفية في كل من الولايات المتحدة
وبريطانيا تؤكد أن اللقاح لم يأخذ حقه من البحث والدراسة, ولم تتم
تجربته بالشكل الأمثل, وهناك أيضا تحذيرات من أطباء عالميين من تناول
هذا المصل لأنه غير آمن وله أضرار بالغة, وعلي رأسهم خبير الصحة
الألماني ولفجانج ودراج الذي آثار جدلا عالميا عندما أشار إلي احتمالات
الإصابة بالسرطان من جراء استخدام اللقاح, كما حذر من أن له العديد من
الأعراض الجانبية..إذن فهناك شكوك حول مدي سلامة وأمن هذا المصل
بشهادة المتخصصين, والمسألة ليست مجرد تقرير صادر عن تليفزيون خاص أو
بعض الأطباء, بل إن القضية رأي عام في انجلترا وأمريكا, وهناك اتهامات
مباشرة لمنظمة الصحة العالمية نفسها بأنها تسهل اسخدام عقاقير لم تأخذ
حظها في البحث والتجارب الكافية التي تضمن السلامة للناس في مقابل تحقيق
مكاسب مادية رهيبة, خاصة أن المنظمة أجبرت194 دولة علي شراء العقار,
لدفع مليارات الدولارات التي سوف تدخل جيوب أصحاب البيزنس..فمن
الطبيعي أن أي علاج جديد يستغرق سنوات لحين اعتماده, لذلك فمن حق الجميع
أن يسأل هل انتشار وباء أنفلونزا الخنازير مفزع لهذه الدرجة التي تدفعهم
لاعتماد أدوية لم تتأكد تماما سلامتها مهما كانت آثارها الجانبية أقل
بكثير من ضحايا الفيروس الجديد, أم أن الحكاية بيزنس كبير يتم تمريره
علي أكتاف قصة أنفلونزا الخنازير؟ويرتبط قرار وزارة الصحة بتأكيد
الرئيس مبارك في اجتماعه بالوزراء بداية الشهر الحالي علي ضرورة التأكد من
خلو لقاح أنفلونزا الخنازير من الآثار الجانبية التي قد تضر بالمواطنين
وتعرض حياتهم للخطر.. ولكن.. ما رأي المتخصصين في القرار وفي ظهور
لقاحات لم تثبت فعاليتها تماما رغم طرحها للاستخدام الآدمي؟في
البداية يري د. حلمي أباظة أستاذ الأمراض الباطنية بطب الإسكندرية ورئيس
الجمعية المصرية لأمراض الكبد أن التطعيم مطلوب لكل الأمراض, فقد أثبت
أن التطعيم بصفة عامة كان له تأثير كبير جدا في القضاء علي أشد الأمراض
ضراوة علي البشرية, حيث قضي نهائيا علي الجدري من العالم وكان منتشرا
وأنهي حياة جيوش بأكملها, وغيرها من الأمراض الأخري التي لها تطعيم كشلل
الأطفال, فقد كان منتشرا وتم القضاء عليه تقريبا باستخدام التطعيم الخاص
به.المهم ضرورة القيام بدراسة رسمية ورصد المضاعفات والآثار
الجانبية لهذا اللقاح الجديد, فإذا تم التوصل إلي أن المصل المتاح حاليا
سليم وخال من الآثار الجانبية, فإننا ندعو المسئولين عن هذا المصل أن
يقدموا كل الدراسات الخاصة به إلي الجهات المعنية بوزارة الصحة لتسجيله
والاطمئنان إليه قبل استخدامه علي أي مريض.أما الادعاء بأنه يمكن
استخدامه بعد موافقة المريض شخصيا وتعهده بمسئوليته عما يمكن أن يحدث من
أضرار فهذا غير معقول علميا واجتماعيا وأدبيا..فالاهتمام بصحة
المواطن المصري هو من أولي مهام مسئولي الصحة في مصر, ولا يجب التنصل من
المسئولية وإلصاقها بالمواطن الذي ليس له خبرة ودراية كما يتم في القطاع
الطبي والأبحاث..أما د. حسني الفيومي استشاري الأمراض الباطنة
بمستشفي الطلبة جامعة المنوفية فيشير إلي أن هذا اللقاح تم إنتاجه في
معامل شركة سانوفي أفنتس الفرنسية وهذه شركة لها اسم عالمي, وعندما تنتج
هذا المصل تعرف مدي كفاءته ومدي سلامته من الناحية الصحية, وأن هذه
الضجة المفتعلة وغير الصحيحة سوف تؤثر علي فكر المواطنين وتجعلهم يبتعدون
عن تناول هذا اللقاح.ويقول: نعرف جميعا أن الدول الكبري مثل
أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي يعتبرون مواطنيهم من الدرجة الأولي, فلقد
حجزوا كميات مهولة من هذا اللقاح, وبالتالي استأثروا بنصيب الأسد لأنهم
يخافون علي مواطنيهم, وبالتالي لو كانوا يعرفون الجوانب السلبية
لمضاعفات هذا المصل ما هرعوا وتكالبوا علي الاستئثار بهذا المصل, بدليل
تصريح السيد وزير الصحة المصري عندما قال سوف نتعاقد مع هذه الشركة علي
تطعيم الحجاج والأطباء والعاملين في المجال الصحي مع أنه يعرف جيدا أنه
سوف يحصل علي كمية قليلة من هذا المصل.ويناشد د. حسني منظمة
الصحة العالمية والأمم المتحدة وكل الهيئات المنوطة بحياة الإنسان, أن
تساهم وتطالب المجتمع العالمي بالتساوي في توزيع هذا اللقاح علي مواطني
العالم أجمع, خاصة أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة..ونحن الآن
نعيش عصر البقاء للأقوي ونناشد علماءنا الكرام في مراكز البحوث المختلفة
ان يتسابقوا مع الزمن لانتاج لقاح عربي بحيث لا نمد أيدينا الي الغرب,
فهذه عنصرية ظهرت الآن وسابقا وسوف تظهر في المستقبل.وبخصوص
القلق الذي يسود الناس, فهناك إشاعات مغرضة بأن هذا المصل يسبب مضاعفات
منها السرطان وغيرها من الأمراض المخيفة, فكيف تظهر هذه الأعراض والمصل
في طور الإنتاج حاليا, فهناك في الأسواق العديد من الأدوية المتداولة في
الأسواق وتم سحبها بعد عشرات السنين من التعاطي للمرضي, لظهور أضرار
جانبية, مما يؤكد أن ما يثار ليس إلا شائعة مغرضة الهدف منها عزوف الناس
عن هذا اللقاح الذي يقيهم شر هذا المرض..طريقة الإنتاج
ويشرح
د. حسني الفيومي طريقة إنتاج اللقاحات وذلك عن طريق عزل الفيروس وفصل
مكوناته وخاصةDNA الذي يدخل في تركيب البروتين الخاص بالفيروس, ونواة
الخلية الخاصة بالفيروس أيضا, وتنقية هذه الأشياء, ومعاملتها معمليا
بالهندسة الوراثية لإنتاج مصل مضاد لهذه الفيروسات, حيث أن المصل يعتبر
جزءا صغيرا من الإصابة بهذا الفيروس..فعندما يتناول الإنسان هذا
اللقاح ويكون علي جرعات متفاوتة( وهي3 جرعات) فإنها تقوم بتحفيز
جهاز المناعة الداخلية للإنسان بالتغلب علي الفيروس عندما يصيب الإنسان,
فمعظم الحالات التي سوف تأخذ التطعيم سوف تلاحظ ظهور أعراض مخففة من
الأعراض الرئيسية لهذا الفيروس مثل ارتفاع درجة الحرارة وتكسير في الجسم
وصعوبة في التنفس وكل هذا بشكل بسيط ومخفف, وقد ثبت أن المصل يحفز
الجهاز المناعي للجسم لمواجهة الخطر الخاص بالفيروس.إلزام بالتعويضات
أما
د. حسني سلامة أستاذ الكبد والأمراض المعدية بقصر العيني فيقول إنه لابد
من التأكيد من عوامل الأمان والفاعلية لأي لقاح جديد حتي لا يتعرض
المصريون لأخطار قد تظهر في المستقبل القريب أو البعيد, وطالب بإلزام
الشركات المنتجة للمصل بالتعهد بتعويض أي شخص يتعرض لمضاعفات تناول هذا
المصل, كما أنه لابد من التأكد أن هذا اللقاح تم استخدامه في بلد المنشأ
قبل نزوله للدول الأخري, وعدم التعجل في نزول هذا المصل للأسواق إلا بعد
التأكد من أمنه وسلامته بنسبة كبيرة..فهناك وعلي سبيل المثال بعض
الشركات المنتجة لأحد أنواع لقاحات أنفلونزا الخنازير أرسلت إلي جمهورية
التشيك كميات منه لإعطائه للأفراد هناك, ولكن الجهات الصحية المسئولة
فضلت تجربته أولا علي فئران التجارب فأحدث شللا بها, والتهابا في
الأعصاب مما جعل السلطات التشيكية تقرر وقفه وإبلاغ دول الاتحاد الأوروبي
بمنعه, ولكن للأسف لم تتخذ أي إجراءات عقابية ضد الشركة المنتجة.أما
د. إبراهيم مصطفي نائب رئيس معهد تيودور بلهارس فله رأي آخر, فهو يري
أن هناك أدوية لقاحات كثيرة لها آثار جانبية فمثلا الدواء الذي يقي من
الملاريا له مضاعفات مختلفة, وأيضا فإن دواء البنسلين يمكن أن يسبب
الوفاة إذا كان الشخص يعاني الحساسية جراء تناوله.. والمشكلة التي تسببت
في هذه الضجة هي أن المصل الخاص بأنفلونزا الخنازير ونظرا لقوة المرض
والحاجة السريعة لإنتاج المصل لمواجهته لم يمر بجميع المراحل التي يجب أن
يمر بها, ولكن من المؤكد والذي لا يدعو للشك أنه تمت تجربته علي آلاف
الناس شأنه شأن أي دواء آخر, ولكن الآثار الجانبية تظهر مع استخدامه
بشكل أوسع ولفترات بعيدة وعلي أكثر من مريض فلا داعي للقلق..وينصح
د. حسين الزلاط مدير عام مستشفي حميات بورسعيد بعدم تكالب الناس علي
تناول المصل إلا بعد التأكد من سلامته, والإصابة بأنفلونزا الخنازير أو
المستحدثة إن صح التعبير أفضل بكثير من الدخول في مخاطرة مضاعفات وأمراض
أخري لا نعلم مداها..ويضيف أن هذا المرض في حقيقة الأمر بسيط,
ويمكن الشفاء منه أحيانا بدون علاج, ولكن مشكلته في سرعة انتشاره,
بدليل أن نسبة الوفيات بسيطة جدا.وفي النهاية وبعد تباين الآراء بهذا الشكل فلا تزال المخاوف مستمرة!!