إضاءة تربوية
أ . جاسم المطوع
أثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة
بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه ، ونزلت دمعة من عينه علي خده ، وكنت
وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم
، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني علي انفراد قائلاً : هل تعلم
لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي ؟! قلت له : لا والله !! فقال : إن
لي ابنا عمره سبعة عشر سنة وقد هجرته منذ خمس سنوات لأن لا يسمع كلامي ،
ويخرج مع صحبة سيئة ، ويدخن السجائر ، وأخلاقه فاسدة ، كما أنه لا يصلي
ولا يحترم أمه ،فقاطعته ومنعت عنه المصروف وبنيت له غرفة خاصة في السطح ،
ولكنه لم يرتدع ، ولا أعرف ماذا أعمل ، ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري
لعلاج المشاكل أثر بي ، فماذا تنصحني ؟
هل استمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة ؟! وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل ؟
قلت له : عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد ، وإن ما عمله ابنك خطأ
ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً ، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ
وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ، ومستقيماً في سلوكه ، فرد علي الرجل
قائلاً : أنا أبوه أعتذر منه ، نحن لم نتربي علي أن يعتذر الأب من ابنه !!
قلت : يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما علي المخطئ أن يعتذر
، فلم يعجبه كلامي ، وتابعنا الدورة وانتهي اليوم الأول ، وفي اليوم
الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه ، وقلت له : ما
الخبر؟
قال : طرقت علي ابني الباب في العاشرة ليلاً وعندما فتح
الباب قلت له : يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات ، فلم يصدق
ابني ما قلت ورمي رأسه علي صدري ،وظل يبكي فبكيت معه ، ثم قال : يا أبي
أخبرني ماذا تريدني أن أفعل ، فإني لن أعصيك أبداً
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة ، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا
صغيراً ، بل إن النبي محمد صلي الله عليه وسلم في إحدي الغزوات كان يساوي
بين الصفوف ، فوضع عصاه في بطن أحد الصحابة ليساوي وقوفه مع بقية الصف ،
فطلب هذا الصحابي أن يقتص من النبي علي فعلته ن فكشف النبي صلي الله عليه
وسلم عن بطنه وأعطاه العصا ليقتص منه ، ولكن الصحابي انكب علي بطنه يقبله
، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : لم فعلت ذلك . فقال أردت أن يكون
آخر عهدي بالدنيا أن يمس جلدي جلدك ، واستشهد الصحابي في تلك المعركة
إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار
عند الخطأ ، وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر
.. "
أ . جاسم المطوع
أثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة
بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه ، ونزلت دمعة من عينه علي خده ، وكنت
وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم
، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني علي انفراد قائلاً : هل تعلم
لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي ؟! قلت له : لا والله !! فقال : إن
لي ابنا عمره سبعة عشر سنة وقد هجرته منذ خمس سنوات لأن لا يسمع كلامي ،
ويخرج مع صحبة سيئة ، ويدخن السجائر ، وأخلاقه فاسدة ، كما أنه لا يصلي
ولا يحترم أمه ،فقاطعته ومنعت عنه المصروف وبنيت له غرفة خاصة في السطح ،
ولكنه لم يرتدع ، ولا أعرف ماذا أعمل ، ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري
لعلاج المشاكل أثر بي ، فماذا تنصحني ؟
هل استمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة ؟! وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل ؟
قلت له : عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد ، وإن ما عمله ابنك خطأ
ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً ، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ
وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ، ومستقيماً في سلوكه ، فرد علي الرجل
قائلاً : أنا أبوه أعتذر منه ، نحن لم نتربي علي أن يعتذر الأب من ابنه !!
قلت : يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما علي المخطئ أن يعتذر
، فلم يعجبه كلامي ، وتابعنا الدورة وانتهي اليوم الأول ، وفي اليوم
الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه ، وقلت له : ما
الخبر؟
قال : طرقت علي ابني الباب في العاشرة ليلاً وعندما فتح
الباب قلت له : يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات ، فلم يصدق
ابني ما قلت ورمي رأسه علي صدري ،وظل يبكي فبكيت معه ، ثم قال : يا أبي
أخبرني ماذا تريدني أن أفعل ، فإني لن أعصيك أبداً
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة ، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا
صغيراً ، بل إن النبي محمد صلي الله عليه وسلم في إحدي الغزوات كان يساوي
بين الصفوف ، فوضع عصاه في بطن أحد الصحابة ليساوي وقوفه مع بقية الصف ،
فطلب هذا الصحابي أن يقتص من النبي علي فعلته ن فكشف النبي صلي الله عليه
وسلم عن بطنه وأعطاه العصا ليقتص منه ، ولكن الصحابي انكب علي بطنه يقبله
، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : لم فعلت ذلك . فقال أردت أن يكون
آخر عهدي بالدنيا أن يمس جلدي جلدك ، واستشهد الصحابي في تلك المعركة
إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار
عند الخطأ ، وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر
.. "