السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
هذا المقال رائع جدا و فيه حجج على كلام الثائرين اللى فى التحرير
منقول و لكن من ابن عمى و هو مشترك معانا هنا فى المنتدى
كاتب المقال الحقيقى : Dr.Ahmed
المقال طويل شويه و لكن فيه الفائده باذن الله اتمنى ان ينال اعجابكم
حوار مع صديقي الثائر !
برغم كل شئ فقد بقيت صداقتنا بعيداً عن مبارك والمعارضة والسياسة والأهلي والزمالك ، لا لشئ إلا أنها كانت صداقة في ثوب براءة الأطفال عندما كانت أكبر همومنا تتعلق بأصغر ألعابنا ، فاستمرت قبل أن تفرقنا الأهواء والآراء والسياسات .. فلم أخف جزعي وخوفي عليه عندما عرفت أنه ضمن المظاهرات ..
التقينا ريثما يعود فيطمئن على أهله قبل أن يعاود الذهاب إلى ميدان التحرير .. عندئذٍ لاحقتني نظراته التي تحمل معنى عميقاً بالاتهام أنني قد تخليت عنه وعن الوطن معاً ورضيت بالبقاء في بيتي تاركاً غيره يواجه خطر المولوتوف والنيران هناك ، والاتهامات بالعمالة وتعاطي الكنتكاكي هنا ...
قلت بصراحة : لست أنا.
أجابني : ماذا تعني ؟
قلت : لست أنا يا صديقي .. لست أنا من تطلب دمائك عنده ؛ فلست من تسبب في هزيمة 48 ولا نكسة 67 ، ولا الديكاتورية في عهد السادات ، ولا الفساد في عهد مبارك .. لست من زور التاريخ واشترى بثمن ما زور ميكرفوناً يصرخ به نادباً عصر الشرف ، ولست لصاً سرقت عرق الشعب ثم لبست لباس الناسك الواعظ الذي ينصح الناس ويطالب بمطالبهم .. لست أنا !
قال لي : أنا أعلم أنه ليس أنت من فعل كل ذلك ، لكنك ظللت ساكتاً طيلة تلك الأعوام وهذا يجعلك مشاركاً في الجريمة.
قلت : وأنت أيضاً كنت ساكتاً .. لم تتحرك إلا بعدما رأيت ثورة تونس ، وحتى تلك الثورة لم تقتدِ أنت بأخطائها .. بل اندفعت مقلداً وحسب .. انظر إلى هذا الذي أحرق نفسه كيف أجج الثورة وخسر الآخرة ؟ .. ربما بوعزيزي أحرق نفسه في لحظة غضبٍ يائساً لكنها كانت طبيعية تماماً .. أما هذا الذي كان يحيا حياةً مطمئنة ثم اكتشف فجأة أنه مظلوم في عصر الفساد ، فأقدم على قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ... ألا يعد صمتك أنت الآخر جريمة ؟
قال : لئن سكتُ دهراً فقد آن الأوان لأتحرك وهذا لا يعيبني في شئ أن أستجيب لدافعٍ خزنته عبر السنين ، ولئن قلدت تونس فقد قلدتها في شئ عظيم ، أما الذي أحرق نفسه هذا فلا تحكم أنت عليه .. فالله أعلم به ، وأصلاً كنا نموت في معتقلات الشرطة ومن جراء التعذيب .. فلا فارق إذن.
قلت : إنك يا صديقي لتخلط الأمور ببعضها فلا يظهر لها شكلاً محدداً ، أنت تشكو من معتقلات الداخلية ، وكأننا قد صرنا في غابةٍ لا آخر لها من أول .. فجعلت كل رجل شرطة كذئبٍ بشري وحتى لو فرضنا ذلك ، ولو فرضنا كما تفترضون أننا قد صرنا صفراً في التموين والزراعة والتجارة والسياحة والعلوم فقد خرجتم في 25 يناير و 26 يناير ، وهي لعمري أفضل أحداث في تاريخ مصر كلها ولولا انشغالي بالدراسة لكنت وسطكم أتلقى معكم الرصاص المطاطي والحي وأستنشق قنابل الدخان التي دلت على غباء النظام الحالي بحق.
قال : من حسن حظن إذن أنك لم تأتِ .. فقد كنا نموت جماعياً كما لو كنا في بلادٍ أخرى ، ونواجه قواتٍ من إسرائيل أو أمريكا على أقل تقدير .. لقد كانت عرباتهم المصفحة تدوسنا تحت عجلاتها.
قلت : هذا حق الوطن ، وحق الحرية دفعتموه عن آخره فطوبى لكم.
قال في دهشةٍ : فلماذا تعترض الآن على ما نفعله ؟
قلت بسرعةٍ : أنا أقسم ما قبل خطاب 1 فبراير لفترتين الأولى 25 و 26 و 28 يناير فقد كنتم في مظاهرةٍ سلمية جميلة وإن أي أمة ستفخر بكم إذا ما شهدتكم في ذلك الموقف والفترة الثانية 29 و 30 و 31 يناير ..
فالفترة الثانية ومنذ اللحظات الأولى التي بدأت فيها البلاد بالاحتراق ، وأشعلت النيران في مقر الحزب الوطني وأقسام الشرطة كان يجب التوقف الفوري عن التظاهر ( إلى حينٍ ) حتى لا تكونَ فتنة في الأرض وفساد كبير .. وعندما أقدم الخائن حبيب العادلي على سحب قوات الشرطة من البلاد وإخراج البلطجية من السجون كان بتلك الحجة أن الأقسام كلها احترقت ، وأصبح فاتورة الخوف والهلع والدموع في كل البلاد تدفعونها أنتم من عرق تظاهركم المبارك.
أضف إلى : أنتم خرجتم من أجل المطالبة برحيل النظام والقضاء على الفساد ، وها قد رحلت الوزارة وجئ بنائب رئيس ، ولم يبقَ إلا الرئيس فحسب وحتى ذلك الحين لم تكن رغبتكم واضحة في رحيله هو شخصياً .. ولكنكم أطلتم الوقوف أكثر من اللازم فهاهو البرادعي عائد من رحلة استجمامٍ أنيقة في بلاده النمسا ليقودكم متصوراً نفسه الإمام الخميني الذي دعا الى الثورة الايرانية ثم أتي من الخارج ليقودها ، وها هم قيادة المعارضة المذعورة الخائفة تتحدث باسمكم ويظهرون في وسائل الاعلام مبتسمين .. تحدثوا عن الشباب بعض الوقت واستحذوا على ما تبقى منه .. وها هم يعقدون المجالس والمشاورات حول الحوار الوطني وكأن الثورة ثورتهم والقيادة قيادتهم .. هل نسيت يا صديقي د.السيد البدوي وهو يحطم كيان جريدة الدستور مستنداً على ماله بهذه السرعة ؟ هل نسيت رحيل البرادعي عن مصر بعدما هتفت أنت في مسيراته مطالباً به رئيساً ؟ .. من هؤلاء ليتحدثوا باسم الشعب ؟؟؟؟؟؟
قال لي : أما هذا فأنت تستمع إلى التلفاز كثيراً فأثر على عقلك ، فنحن لم نعترف بالبرادعي ولا غيره .. نحن خرجنا وواصلنا باسمنا نحن وحسب.
قلت : كان والحال هكذا أن تشكلوا منكم وفداً إلى الهيئات العليا بمطالبكم بعد تحديدها بدلاً من أن تتيحوا الفرصة لأمثال هؤلاء أن يتحدثوا بالنيابة عنكم وعنا ، ثم ما هي مطالبكم ؟
إنكم يا صديقي تتحدثون عن حد أدنى للأجور ، تتحدثون عن تغيير نظام دولة ، ورحيل رئيسها ، وحل مجلس الشعب فيها ، وتريدون أن تسيقظوا صباحاً فتجدوا هذه المطالب قد تحققت مرةً واحدة ، فهل أنتم معتصمون حتى تتحقق جميعها ؟
قال بثقةٍ : نعم بالطبع.
قلت : فأنتم لا تنتبهون إذن أنكم تقفون في شريان ميداين مصر ، وتعطلون الأعمال ، وتسببتم في إغلاق البورصة البنوك ، وقطع أرزاق أولئك الذين يعملون باليومية منتظرين تحقيق مطالب تحتاج لشهورٍ.
قال : بل المسئول عن ذلك هو النظام الفاسد ، وتلك هي ضريبة الثورة لابد من دفعها كما دفعنا نحن دمائنا.
قلت : بل أنتم دفعتم دمائكم لتغيير النظام لا لسقوط الدولة ، فلو استمر الحال كذلك لسقطت الدولة نفسها ، وسل نفسك عن أي نظامٍ قادمٍ سيستطيع إعادتها إلى ما كانت عليه ، فضلاً عن تحقيق ما كان منشوداً من التقدم الذي نريد.
قال باستنكارٍ وقد علا صوته : أوكنت تريد منا أن نعود قبل تحقيق مطالبنا ؟
قلت : يا صديقي مطالبكم تلك خيالية للغاية لتتحقق في أسبوع أو حتى شهرٍ ، فلتمنحوا الحكومة الجديدة مهلة من الوقت وإلا فميدان التحرير موجودٌ لم ولن يتحرك من مكانه.
قال: لكنهم ضربونا
.
قلت : هذا أمرٌ آخر ، فقد خرج الرئيس بخطابٍ مؤثر حقق لكم بعض ما تريدون فقد قال أنها فترته الأخيرة ، وأنه تبقى لديه أشهر قليلة في الحكم سينقل خلالها الحكم سلمياً وثمة فقرات أخرى عن مبارك الإنسان والمصري والفلاح وغير ذلك ... تفاعل الشعب مع هذا الخطاب ولكنكم بقيتم مجدداً غير واثقين فصرتم أنتم ضد إرادة الشعب تبغونها عوجاً ، وتبغون فرض رأيكم على 75 مليوناً من البشر يريدون بقاء الرجل حتى تنتهي ولايته.
قال : ومن ألقى علينا المولوتوف وداسنا بالجمال والخيول ؟
قلت : هؤلاء أغبياء الحزب الحاكم السابق تصوروا أنهم قد عادوا لسابق عهدهم غير مدركين أن حزبهم لم يعد له وجود ، وظنوا غباءً منهم أنهم يتقربون إلى الرئيس بدماء المتظاهرين في التحرير ، وأراد كل منهم أن يجامل بطريقته والنتيجة هي دمائكم أيها المساكين
..
قال : وتريد بعد ذلك أن نرجع إلى بيوتنا قبل أن يرحل الطاغية ؟
قلت : المشكلة أن دمائكم تلك جاءت قرباناً لرغبة الشعب المُضلل عبر وسائل الاعلام المصرية التي جعلت منكم خونةً وعملاء تأكلون الكنتاكي وتشربون البيبسي فلم نجد صوتاً يدافع عنكم أيها المتظاهرين الأعزاء .. لكن أنا مثلكم لا أريد هذا الرجل ، ولكن الضرورة حتمت بقاءه حتى تنتهي ولايته .. وأنا كل ما أريده أن تعود معي لنبني بلادنا من جديد .. ألم تر إلى هؤلاء الذين أسرعوا فبنوا على الأراضي الزراعية بسرعةٍ لا تصدق مستغلين اضطراب الأوضاع .. ألم تنظر إلى ذلك المنافق وقد ارتفع منادياً وصارخاً باسم الشعب .. هؤلاء لم يبالوا بجراح الوطن وكل ما يهمهم هي مصالحهم الخاصة .. هيا لنقاومهم معاً ، ونترك للحكومة الجديدة مهلةً لتنفيذ ما طلبنا ، فإن عادوا عدنا معاً وأنا قبلك إلى الميدان.
قال في غضب محموم : بل لابد أن يرحل الطاغية .... إن المرض الذي استشرى ثلاثين عاماً آن له أن يرحل ، ومن يقول ببقاء وباءٍ حتى يرحل من تلقاء نفسه ؟
قلت : وهذه واحدة أخرى ، إنك لتنسى تاريخ الرجل في ثانية لمجرد أنك تكرهه ، وهبه عدواً .. إن خيراً لتذكر فضائل عدوك قبل نواقصه فالرجل حارب من أجل تراب هذا الوطن وعمل من أجله وجنبها الحروب ، لكنك أضفت نواقصه إلى مزاياه وهلم جرا .. فأصبحت أعوام حكمه الثلاثين كلها فساداً .. وأضف إلى ذلك ألا ترى أنه من الأفضل بقاء الضرر إذا كان تغييراه سيسبب ضرراً أكبر.
قال : بل لابد أن يرحل من كان سبباً من قتل الشهداء.
قلت : لا أجادل معك في ذلك ، فعلاً هو لابد أن يرحل ولكن من ترى أنه البديل .. انك يا صديقي تريد حل مجلس الشعب ، وإن رحل هو فلن يُحل المجلس.
قال : بل يحله قبل أن يمضي.
قلت : فإن حله فلا تعديل للدستور ، فلا تأمن من عبث بقايا الحزب الوطني من جديد.
قال : تباً لهذا الدستور ، بل يتم تغيير هذا الدستور من جديد.
نتبع ..