استكمالا لموضوع الحب السابق
الحب ..... أنواع
الحب جنون وهو أنواع .. كما ان الجنون انواع ..هكذا قال سقراط
الفكرة ببساطة تقول : إن للحب انواعا كثيرة تبدأ من اعلاها وهو " الحب الإلهي " الذى به كل شىء كان فى هذا العالم .. بمعنى ان الوجود خلق بفعل من افعال المحبة الإلهية ..لان الله يحب مخلوقاته التى أوجدها
فالوجود فى النهاية افضل من العدم . . وهذا مايسمى فى فلسفة الدين باسم "ميتافيزيقا الحب " التى تذهب الى ان النسيج الاول للوجود هو الحب وأن الخلق هو فى ان واحد "فعل الحب والفعل الخالق للحب " ومن ثم فإن كل الموجودات تدين بوجودها لله سبحانه وتعالى ولفعل من افعال الحب الالهى
وانا اعلم جيدا انا خيالكم الخصب سوف يسرح بعيدا ويظن ان هذه افكار من تراث الغرب ! وكأن المسلمين لا يعرفون شيئا عن الحب ! كلا يا اصدقائى ..فهذه افكار من تراث المسلمين والغرب هذه المرة هو الذى ينقل عنا ! فها هو الفيلسوف الالمانى هيجل يستشهد بأبيات من شعر جلال الدين الرومى المعروف فى تراثنا بمولانا جلال الدين ..وهو من اعظم شعراء التصوف الاسلامى والذى كان يعتقد ان الحب دواء لكبريائنا . . وفتنتنا بأنفسنا . . وطبيب لضعفنا . . وهو مخلصنا من اثرتنا ...اقول ان هيجل الالمانى يلجأ فى نهاية كتابه موسوعة العلوم الفلسفية الى الاستشهاد بميتافيزيقا الحب عند هذا الصوفى العظيم الذى يصور بأبيات تقطر جمالا وحلاوة كيف ان الحب هو لحمة هذا الوجود وسداه . . فاستمع الى جلال الرومى يفسر لك نسيج الوجود
سوف اخبرك كيف خلق الله الانسان من طين : ذلك أنه جل جلاله نفخ فى الطين أنفاس الحب
سأقول لك : لماذا تمضى الافلاك فى مداراتها ؟
ذلك لأن عرش الله سبحانه وتعالى يغمرها بأنعكاسات الحب
سأقول لك : لماذا تهب رياح الصباح ؟
ذلك لانها تريد ان توقظ بغزارة أزهار الحب
سأقول لك : لماذا يتشح الليل بغلائله ؟
ذلك انه يدعو الناس الى الصلاة فى مخدع الحب
إننى استطيع ان افسر لك جميع ألغاز الكون : وما الحل الوحيد لكل لغز سوى الحب
ذلك هو الحب الالهى كما يصوره شاعرنا العظيم الذى فاض فغمر الكون كله والذى صوره الكتاب المقدس انجيل يوحنا الاصحاح الاول ايه 16 " من ملئه نحن جميعا اخذنا ...." تلك هى البداية
ويقابل هذا الحب الإلهى الذى غمر الوجود بأسره حب الانسان لله
وهو الجانب الثانى او النوع الثانى من الحب ..حب الانسان لله
وهذا الجانب الثانى من العلاقة الذى يظهر بوضوح ايضا عند متصوفة الاسلام الذين اتجهوا الى الله بفعل من افعال المحبه البشرية فما دمنا قد ولدنا فى تيار الحب الإلهى الذى يغمرنا . . فان هذا الحب يعود الان الى منبعه مرة اخرى
ولقد بنى صوفية الاسلام مذهبهم فى الحب الإلهى بنوعية حب الله للانسان وحب الانسان لله على الاية الكريمة فى كتاب الله : قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " سورة المائدة ايه 54
واعتبروها دعوة صريحة الى الحب بنوعية . . فلبوها مغتبطين فرحين . . فهذه رابعة العدوية تعلن صراحة ان اتجاهها الى الله ليس مصدره الخوف من النار او الطمع فى الجنه ."وانما انا اعبدك من اجل محبتك ..فلاتحرمنى يا إلهى من جمالك الأزلى " استمع اليها فى احدى مناجاتها تقول :إلهى اغرقنى فى حبك حتى لا يشغلنى احد عنك
إلهى . . اجعل الجنه لأحبائك والنار لأعدائك أما أنا فحسبى انت
إلهى .. أنارت النجوم ونامت العيون . . وغلقت الملوك أبوابها . . وخلا كل حبيب لحبيبه . . وهذا مقامى بين يديك
وايضا
حبيب ليس يعدله حبيب ولا لسواه فى قلبى نصيب
حبيب غاب عن بصرى وشخصى ولكن فى فؤادى لايغيب
وايضا
إنى جعلتك فى الفؤاد محدثى وأبحت جسمى من اراد جلوسى
فالجسم منى للجليس مؤانس وحبيب قلبى فى الفؤاد أنيسى
وايضا روائع عمر بن الفارض فى الحب معروفه . . حتى منحه المؤرخون لقب سلطان العاشقين وإمام المحبين وكان هو نفسه يفاخر بذلك
كل من فى حماك يهواك لكن أنا وحدى بكل من فى حماكـــــــــــــــــــــ- ــــــــــــا
يحشر العاشقون تحت لوائى وجميع الملاح تحت لواكـــــــــــــــــــــ- ــــا
.اكتفى بهذا القدر اليوم وغدا ..نستكمل النوع الثالث وهو الحب بين الرجل والمرأة