الحلقة الرابعه
استكمالا لموضوع الحب
قالوا
الحب عندى . . هو حب الزوج لزوجتة
هيجل . . فيلسوف المانى
لا يجرؤ أى رجل ان يتحدث عن حقيقة الزواج . . وزوجتة على قيد الحياة
شو . . فيلسوف المانى
عندما اضع قدمى اليمنى فى القبر سوف احدثكم عن حقيقة المرأة . . ثم اقفز فى التابوت وانا اقول افعلوا بى ما شئتم
تولستوى . . فيلسوف روسى
الانواع التى ذكرتها فى الحلقة السابقة لا تحصر كل انواع الحب فهناك انواع اخرى كثيره غيرها . . وبسبب هذه الانواع الكثيرة فإنه يتعذر تقديم تعريف للحب جامع مانع كما يقول المناطقة . . اى تعريف بجميع انواع الحب ويمنع دخول اى نوع اخر فى هذا التعريف
فقد اطلقت كلمة الحب على نزوات قد لا تدوم سوى ايام معدودات كما اطلقت على بعض العواطف التى تخلو تماما من اى قيمة وعلى بعض العلاقات الغرامية العابرة . . وعلى تصنع العشق لأمرأة متزوجة كما هو الحال عند شعراء التروبادور "الجوالون"وعلى بعض المواقف التى اشتملت على عواطف فاترة وعلى الخيال الرومانسى ..وبأختصار كما يقول "فولتير " : ان الناس يطلقون كلمة الحب على آلاف من الاوهام
ومع ذلك فمن الشعراء من يذهب الى ان الحب واحد فى جميع الكائنات . . او كما يقول "فرجيل" : الكل يشعر بنفس الحب
ولهذا السبب ارى ان فولتير يوسع من مفهوم الحب حتى يشمل الكون بأسره . . ويقول اننا اذا اردنا ان نعرف الحب فلابد لنا من العودة الى الفزيقا : اى المادة الاولى للطبيعة التى اضاف اليها الخيال البشرى الكثير من الاضافات الذهنية . . ويستمر قائلا فولتير ..: اذا اردت ان تصل الى فكرة ما عن الحب . . فانظر الى العصافير فى حديقتك ولا حظ هديل الحمام وتأمل الثور عندما يزور البقرة. .وانظر الى هذا الحصان الضخم الذى يسير به سائسه الى فرسه هادئة تنتظره وهى تلقى بذيلها جانبا لتلقاه . . انظر الى عينيه تبرقان . .والى اذنيه تنتصبان والى فمه وقد أصابته التشنجات والى فتحتى الانف تتوهجان وتخرج منهما انفاس ملتهبة . . انظر الى عرف الحصان وهو يرتفع يتموج . . انظر الى ذلك كله ولا تحسده .. بل تأمل المميزات التى يتمتع بها هذا الجنس البشرى . . فهناك فى الحب تعادل مع كل ما تنتجه الطبيعة للحيوانات : القوة . . الجمال . . الخفة والسرعة
وهناك من يرد الحب الجنسى . .على وجه التحديد الى مستوى ادنى كثيرا من الحيوانات الثديية . . فأنثى الجراد تأكل عشاقها من فرط حبها لهم بشراهة ووحشية . . وترفض الحيوانات الاخرى اقتراب الذكر منها بعد تلقيحها . . الا ان انثى الجراد تسمح لاثنين إلى سبعة من الذكور . . وتقبل مغازلتهم . . ثم تأكلهم الواحد بعد الاخر فى وقت فراغها
وتضع الفلسفة اليونانية امامنا ثلاثة مصطلحات عن الحب : الاول هو فيليا اى المحبه ومنه جاءت كلمة فيلو اى فلسفه نفسها فيلوصوفيا اى راس الحكمة او حب الحكمة و كان من الفلاسفة من يرى انها حكمة الحب الا ان المصطلح يعنى ايضا الصداقة وعلاقات الاخوة التى تجمع بين المواطنين الاخيار فتؤلف بين قلوبهم وتكون منهم مجتمعا متماسكا
اما المصطلح الثانى : فهو الإيروس . . وهو الانفعال الطاغى او المشاعر العنيفه وكثيرا ما يطلق على الحب الجنسى او العلاقة الشهوانية عند الرجل والمرأة التى تحركها الإلهة أفروديت الهة الغانية العابثة التى تشبه كثيرا الإلهة عشتار البابلية وكان العرب يطلقون على هذا اللون من الحب لفظ العشق للاشارة الى مجاوزة الحد فى المحبة وإن كان أفلاطون قد استطاع ان يخلع على الإيروس صبغة فلسفية
اما المصطلح الثالث والاخير : وهو الأجابى وهو يعنى المحبة النزيهة او الحب الروحى او الحماس الدينى وهو مصطلح سوف يكون له شأن كبير فى الكنيسة الميسيحة فيما بعد حتى قيل ان الأجابى المسيحى او المحبة المسيحية قد وجهت طعنة قاضية الى الايروس اليونانى و"ان العشاء الربانى قد عفى على المأدبة الافلاطونية كما تجىء الشمس فى مطلع الفجر فتطفىء أنوار الوليمة الليلة " ؟
فى الحلقة القادمة سوف اكتب عن تراثنا الفلسفى العربى وماهية العشق عند فلاسفته